التهاب الحلق الفيروسي عند الأطفال: أسبابه، أعراضه، تشخيصه، وعلاجه







التهاب الحلق الفيروسي عند الأطفال

يُعد التهاب الحلق الفيروسي من الأمراض الشائعة جدًا بين الأطفال، خاصةً في مراحل الطفولة المبكرة وسنوات الدراسة، وهو عبارة عن عدوى تصيب الحلق والبلعوم الأنفي العلوي، وتكون الفيروسات هي السبب الرئيسي وراء معظم حالات التهاب الحلق لدى الأطفال، وعلى الرغم من أن أعراضه قد تكون مزعجة للطفل ومقلقة للوالدين، إلا أن معظم حالات التهاب الحلق الفيروسي تكون خفيفة وتشفى من تلقاء نفسها خلال أسبوع إلى عشرة أيام.



التهاب الحلق الفيروسي عند الأطفال: أسبابه، أعراضه، تشخيصه، وعلاجه



أسباب التهاب الحلق الفيروسي عند الأطفال

تلعب مجموعة متنوعة من الفيروسات دورًا في إحداث التهاب الحلق لدى الأطفال، ومن أبرزها:
_ الفيروسات الأنفية (Rhinoviruses): وهي السبب الأكثر شيوعًا لنزلات البرد، ويمكن أن تسبب أيضًا التهابًا في الحلق.
_ الفيروسات التاجية (Coronaviruses): وهي مجموعة كبيرة من الفيروسات التي تشمل أيضًا فيروسات كوفيد-19، ويمكن أن تسبب أعراضًا تنفسية علوية بما في ذلك التهاب الحلق.
_ الفيروسات الغدية (Adenoviruses): يمكن أن تسبب مجموعة متنوعة من الأعراض، بما في ذلك التهاب الحلق، والتهاب العين (الرمد)، والإسهال.
_ فيروسات الإنفلونزا والباراإنفلونزا (Influenza and Parainfluenza viruses): تسبب هذه الفيروسات عادةً أعراضًا أكثر حدة تشمل الحمى والقشعريرة وآلام العضلات بالإضافة إلى التهاب الحلق.
_ فيروس الهربس البسيط (Herpes Simplex Virus): في بعض الحالات، يمكن أن يسبب هذا الفيروس تقرحات مؤلمة في الفم والحلق، خاصة في الأطفال الصغار.
_ الفيروس المعوي (Enteroviruses): يمكن أن تسبب هذه المجموعة من الفيروسات مجموعة واسعة من الأمراض، بما في ذلك التهاب الحلق، والطفح الجلدي، وآلام البطن.
_ فيروس إبشتاين-بار (Epstein-Barr Virus): وهو الفيروس المسبب لكثرة الوحيدات العدوائية (داء التقبيل)، والذي يمكن أن يسبب التهابًا شديدًا في الحلق مصحوبًا بتضخم اللوزتين والعقد الليمفاوية. 

أعراض التهاب الحلق الفيروسي عند الأطفال

تتنوع أعراض التهاب الحلق الفيروسي لدى الأطفال في شدتها ونوعها، ولكن تشمل الأعراض الأكثر شيوعًا ما يلي:
_ ألم أو حكة في الحلق: وهو العرض الرئيسي الذي يشكو منه الطفل، وقد يزداد الألم عند البلع أو الكلام.
_ احمرار وتورم في الحلق واللوزتين: قد يلاحظ الأهل احمرارًا في الجزء الخلفي من حلق الطفل وتضخمًا في اللوزتين.
_ بحة في الصوت: قد يصبح صوت الطفل أجشًا أو مبحوحًا.
_ سعال: غالبًا ما يكون السعال مصاحبًا لالتهاب الحلق الفيروسي، وقد يكون جافًا أو مصحوبًا ببلغم خفيف.
_ سيلان الأنف وانسداده: تعتبر هذه الأعراض شائعة جدًا في حالات التهاب الحلق الناتج عن الفيروسات الأنفية أو التاجية.
_ عطس: يمكن أن يكون العطس من الأعراض المصاحبة.
_ حمى خفيفة إلى متوسطة: قد ترتفع درجة حرارة الطفل بشكل طفيف أو متوسط.
_ صداع: قد يشكو الطفل من صداع خفيف.
_ آلام في الجسم وإرهاق: قد يشعر الطفل بالتعب والضعف العام.
_ فقدان الشهية: قد يرفض الطفل تناول الطعام بسبب الألم عند البلع.
_ في بعض الحالات: قد يصاحب التهاب الحلق الفيروسي أعراض أخرى مثل آلام الأذن، والطفح الجلدي (خاصة في حالات الفيروسات المعوية أو الحصبة الألمانية)، واضطرابات الجهاز الهضمي (مثل الغثيان والقيء والإسهال، خاصة في حالات الفيروسات الغدية أو المعوية). 

تشخيص التهاب الحلق الفيروسي عند الأطفال

يعتمد تشخيص التهاب الحلق الفيروسي بشكل أساسي على الفحص السريري الذي يقوم به الطبيب، وسيقوم الطبيب بما يلي:
_ الاستماع إلى شكوى الطفل والأهل: سيستفسر الطبيب عن الأعراض التي يعاني منها الطفل وتاريخ بدء ظهورها.
_ فحص الحلق والأذنين والأنف: سيقوم الطبيب بفحص حلق الطفل بحثًا عن الاحمرار والتورم والتقيحات (في حالات التهاب الحلق البكتيري)، وفحص الأذنين لاستبعاد التهاب الأذن الوسطى، وفحص الأنف بحثًا عن علامات الرشح.
_ جس العقد الليمفاوية في الرقبة: قد تتضخم العقد الليمفاوية في الرقبة عند الإصابة بالتهاب الحلق الفيروسي. 

في معظم الحالات، لا تكون هناك حاجة لإجراء اختبارات إضافية لتشخيص التهاب الحلق الفيروسي، ومع ذلك، قد يطلب الطبيب إجراء اختبار مسحة الحلق السريع للكشف عن بكتيريا المكورات العقدية (المسببة لالتهاب الحلق العقدي) لاستبعادها، خاصة إذا كانت الأعراض تشير إلى احتمال الإصابة بها (مثل الحمى الشديدة، والصداع، وآلام البطن، والطفح الجلدي الأحمر الصغير)، وفي حالات نادرة، قد يتم إجراء اختبارات أخرى لتحديد نوع الفيروس المسبب للعدوى، خاصة إذا كانت هناك أعراض غير نمطية أو إذا كانت هناك حاجة لتتبع انتشار بعض الفيروسات في المجتمع. 

علاج التهاب الحلق الفيروسي عند الأطفال

لا يوجد علاج محدد لالتهاب الحلق الفيروسي، حيث أن المضادات الحيوية لا تعمل ضد الفيروسات، ويركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض ومساعدة الطفل على الشعور بالراحة حتى يتعافى الجسم من تلقاء نفسه، وتشمل التدابير العلاجية ما يلي:
_ الراحة: يجب تشجيع الطفل على الحصول على قسط كافٍ من الراحة لتسريع عملية الشفاء.
_ شرب الكثير من السوائل: يساعد تناول السوائل الدافئة مثل الماء، والعصائر الطبيعية المخففة، والمرق الصافي، والشاي الدافئ مع العسل والليمون على تهدئة الحلق ومنع الجفاف، كما يجب تجنب المشروبات الحمضية التي قد تزيد من تهيج الحلق.
_ تناول الأطعمة اللينة: قد يكون البلع مؤلمًا، لذا يفضل تقديم أطعمة لينة وسهلة البلع للطفل مثل الحساء، والزبادي، والمهلبية، والموز المهروس.
_ الغرغرة بالماء المالح الدافئ: للأطفال الأكبر من 6 سنوات والذين يستطيعون الغرغرة بأمان، يمكن أن تساعد الغرغرة بالماء المالح الدافئ عدة مرات في اليوم على تخفيف ألم الحلق، (نصف ملعقة صغيرة من الملح في كوب من الماء الدافئ).
_ استخدام أقراص المص أو الحلوى المهدئة للحلق: للأطفال الأكبر سنًا، يمكن أن تساعد أقراص المص أو الحلوى التي تحتوي على مكونات مهدئة مثل العسل أو المنثول على تخفيف الألم والحكة في الحلق. يجب مراقبة الأطفال الصغار لتجنب خطر الاختناق.
_ استخدام بخاخات الحلق المهدئة: يمكن استخدام بخاخات الحلق التي تحتوي على مواد مخدرة موضعية لتخفيف الألم مؤقتًا، ولكن يجب استشارة الطبيب قبل استخدامها للأطفال.
_ مسكنات الألم وخافضات الحرارة: يمكن إعطاء الطفل مسكنات للألم وخافضات للحرارة التي لا تستلزم وصفة طبية مثل الباراسيتامول (Paracetamol) أو الإيبوبروفين (Ibuprofen) لتخفيف الألم والحمى، كما يجب اتباع الجرعة الموصى بها لعمر ووزن الطفل وتجنب إعطاء الأسبرين للأطفال بسبب خطر الإصابة بمتلازمة راي النادرة والخطيرة.
_ ترطيب الهواء: يمكن استخدام جهاز ترطيب الهواء في غرفة الطفل، خاصة في الليل، للمساعدة في تهدئة الحلق وتخفيف السعال.
_ تجنب المهيجات: يجب تجنب تعريض الطفل للدخان (مثل دخان السجائر) والملوثات الأخرى التي قد تزيد من تهيج الحلق. 

إلتهاب الحلق الفيروسي، متى يجب استشارة الطبيب؟

على الرغم من أن معظم حالات التهاب الحلق الفيروسي تتحسن من تلقاء نفسها، إلا أنه من المهم استشارة الطبيب في الحالات التالية:
_ صعوبة في التنفس أو البلع.
_ ألم شديد في الحلق لا يتحسن بالمسكنات.
_ حمى شديدة (أكثر من 39 درجة مئوية أو 102
درجة فهرنهايت) أو حمى تستمر لأكثر من بضعة أيام.
_ طفح جلدي.
_ علامات الجفاف (مثل قلة التبول، وجفاف الفم، والدوخة).
_ تصلب في الرقبة.
_ تورم شديد في اللوزتين أو وجود بقع بيضاء أو صفراء عليها (قد يشير إلى التهاب الحلق العقدي).
_ إذا كان الطفل يعاني من حالات طبية مزمنة.
_ إذا كان هناك قلق بشأن حالة الطفل.
سيقوم الطبيب بتقييم حالة الطفل وتحديد ما إذا كانت هناك حاجة لإجراء اختبارات إضافية أو وصف علاج آخر. 

الوقاية من التهاب الحلق الفيروسي عند الأطفال

نظرًا لأن التهاب الحلق الفيروسي ينتشر بسهولة عن طريق الرذاذ المتطاير من الأنف والفم عند السعال أو العطس، فإن اتباع ممارسات النظافة الجيدة يلعب دورًا هامًا في الوقاية من انتشاره:
▪︎ غسل اليدين بانتظام: يجب تعليم الأطفال غسل أيديهم جيدًا بالماء والصابون لمدة لا تقل عن 20 ثانية، خاصة بعد السعال أو العطس وقبل تناول الطعام.
▪︎ تغطية الفم والأنف عند السعال أو العطس: يجب استخدام منديل أو ثني المرفق لتغطية الفم والأنف عند السعال أو العطس والتخلص من المنديل بشكل صحيح.
▪︎ تجنب لمس الوجه: يجب تعليم الأطفال تجنب لمس العينين والأنف والفم بأيديهم غير المغسولة.
▪︎ تجنب الاختلاط الوثيق مع الأشخاص المرضى: قدر الإمكان، يجب تجنب مخالطة الأشخاص الذين يعانون من أعراض البرد أو الإنفلونزا.
▪︎ تطهير الأسطح: يجب تنظيف وتطهير الأسطح التي يتم لمسها بشكل متكرر، مثل مقابض الأبواب والألعاب.
▪︎ الحصول على لقاح الإنفلونزا السنوي: يمكن أن يساعد لقاح الإنفلونزا في الوقاية من التهاب الحلق الناتج عن فيروسات الإنفلونزا. 

في الختام، يعد التهاب الحلق الفيروسي من الأمراض الشائعة لدى الأطفال وعادة ما يكون خفيفًا ويشفى من تلقاء نفسه، ومع ذلك، فإن فهم الأسباب والأعراض وطرق العلاج والرعاية المنزلية المناسبة يمكن أن يساعد في تخفيف معاناة الطفل وتسريع شفائه، ومن المهم أيضًا استشارة الطبيب في الحالات التي تستدعي ذلك لضمان حصول الطفل على الرعاية اللازمة وتجنب أي مضاعفات محتملة.